إنا غريبان ههنا[1]
لجميل صدقي الزهاوي
)ترجمة الشاعر: جميل صدقي الزهاوي(1863-1936):
من عائلة
الزهاوي الموافق
18 حزيران عام 1863م،
وبها نشأ ودرس على أبيه وعلى علماء عصره، وعين مدرسا في مدرسة السليمانية ببغداد عام 1885م، وهو شاب ثم عين عضوا في
مجلس المعارف عام 1887م، ثم مديرا لمطبعة الولاية ومحررا لجريدة الزوراء عام
1890م، وبعدها عين عضوا في محكمة استئناف بغداد عام 1892م، وسافر إلى إستانبول عام 1896م، فأعجب برجالها ومفكريها
وتأثر بالأفكار الغربية، وبعد الدستور عام 1908م، عين استاذا للفلسفة الإسلامية في دار الفنون بإستانبول ثم عاد لبغداد، وعين استاذا في مدرسة الحقوق، وانضم إلى حزب الأتحاديين،
وأنتخب عضوا في (مجلس المبعوثان) مرتين، وعند تأسيس الحكومة العراقية عين عضوا في
مجلس الأعيان. ونظم الشعر بالعربية والفارسية منذ نعومة أضفاره فأجاد واشتهر به.
وكان
له مجلس يحفل بأهل العلم والأدب، وأحد مجالسه في مقهى الشط وله مجلس آخر يقيمه عصر كل يوم في
قهوة رشيد حميد في الباب الشرقي من بغداد، واتخذ في آخر أيامه مجلسا في مقهى أمين في شارع الرشيد وعرفت هذه القهوة فيما بعد بقهوة
الزهاوي، ولقد كان مولعا بلعبة الدامة وله فيها تفنن غريب، وكان من المترددين على
مجالسه الشاعر معروف الرصافي، والأستاذ إبراهيم
صالح شكر، والشاعر عبد
الرحمن البناء،
وكانت مجالسه لا تخلو من أدب ومساجلة ونكات ومداعبات شعرية، وكانت
له كلمة الفصل عند كل مناقشة ومناظرة، ولقد قال فيه الشيخ إبراهيم
أفندي الراوي وفي قرينه الرصافي:
مقال صحيح إن في الشعر حكمة وما
كل شعر في الحقيقة محكم
وأشعر أهل الأرض عندي بلا مرا جميل الزهاوي والرصافي المقدم
وكتب فيه طه حسين:
"لم يكن الزهاوي شاعر العربية فحسب ولا شاعر العراق بل شاعر مصر وغيرها من الأقطار.. لقد كان شاعر العقل.. وكان معري هذا العصر.. ولكنه المعري الذي اتصل بأوروبا وتسلح بالعلم.."
أخذ
الزهاوي العلوم العقلية والنقلية على يد علماء بغداد ونبغ في مختلف المجالات العلمية والفلسفية،
وكان نبوغه باللغة
العربية والشعر
العربي طاغيا على بقية تحصيلاته العلمية. وله مؤلفات علمية وأدبية.
(الشعر)
لقد كنت في درب بغداد ماشيا وقد أوشكت شمس النهار تغيب
فصادفت شيخا قد حنى الدهر ظهره له فوق مستنّ[2] الطريق
دبيب
عليه ثياب
رثّة غير أنها نظاف فلم تدنس[3]
لهن جيوب
تدلّ غضون[4] في
وسيع جبينه على أنه بين
الشيوخ كئيب
يسير الهوينا[5]
والجماهير خلفه يسبوّنه والشيخ ليس
يجيب
أحالوا عليه بالحصى يرجمونه وفي الرأس منه شجة وندوب[6]
له وقفة يقوي بها
ثم شهقة[7] تكاد لها
نفس الشفيق تذوب
فسائلت من هذا فقال مجاوب هو "الحق" جاء اليوم فهو غريب
فجئت إليه
ناصرا ومسلّيا ودمعي
لإشفاقي عليه صبيب
وقلت له "إنا غريبان ههنا وكل غريب للغريب نسيب"
[1] أخذه من التراث الربي القديم لإمرئ القيس وقصة امرئ القيس مع ملك الروم الذي طلب منه السلاح لكي يحارب
قتلة ابيه معروفة .. ولو صح ذلك لاستنجد بقومه او المتحالفين مع قومه .. وقصته مع
ملك الروم طويلة ومفادها ان الملك عزم ان يزوده بالسلاح والرجال من جيشه فتدارك
ذلك عربي يعمل في ديوانه الملكي وخشي ان تتفتح عيون الرومان على جزيرة العرب
فيطمعون بها فالبسه حلة مسمومة فتكت بجسده حتى شارف على الموت وعند انقره وقف
ليستريح فرأى قبرا لاحدى بنات الملوك، فخاطبها بالابيات التالية وكأنها ماثلة
امامه:
اجارتنا ان المزار قريب
واني مقيم ما اقام عسيب
اجارتنا انا غريبان ها هنا
وكل غريب للغريب نسيب
اجارتنا ان المزار قريب
واني مقيم ما اقام عسيب
اجارتنا انا غريبان ها هنا
وكل غريب للغريب نسيب
لعلي محمود طه
(ترجمة الشاعر:
علي محمود طه : (1901- 1949)
ولد علي محمود طه في الثالث من أغسطس
سنة 1901 بمدينة المنصورة عاصمة الدقهلية لأسرة من الطبقة الوسطى وقضى فيها صباه .
حصل على الشهادة الابتدائية وتخرج في مدرسة الفنون التطبيقية سنة 1924م حاملاً
شهادة تؤهله لمزاولة مهنة هندسة المباني . واشتغل مهندساً في الحكومة لسنوات طويلة
، إلى أن يسّر له اتصاله ببعض الساسة العمل في مجلس النواب .
وقد عاش حياة سهلة لينة ينعم فيها
بلذات الحياة كما تشتهي نفسه الحساسة الشاعرة . وأتيح له بعد صدور ديوانه الأول
" الملاح التائه " عام 1934 فرصة قضاء الصيف في السياحة في أوربا يستمتع
بمباهج الرحلة في البحر ويصقل ذوقه الفني بما تقع عليه عيناه من مناظر جميلة .
وقد احتل علي محمود طه مكانة مرموقة
بين شعراء الأربعينيات في مصر منذ صدر ديوانه الأول " الملاح التائه "،
وفي هذا الديوان نلمح أثر الشعراء الرومانسيين الفرنسيين واضحاً لا سيما
شاعرهم لامارتين . وإلى جانب تلك القصائد التي تعبر عن فلسفة رومانسية غالبة
كانت قصائده التي استوحاها من مشاهد صباه حول المنصورة وبحيرة المنزلة من أمتع
قصائد الديوان وأبرزها. وتتابعت دواوين علي محمود طه بعد ذلك فصدر له : ليالي الملاح
التائه (1940)- أرواح وأشباح (1942)- شرق وغرب (1942)- زهر وخمر (1943)- أغنية
الرياح الأربع (1943)- الشوق العائد (1945)- وغيرها
وعلي محمود طه من أعلام مدرسة "أبولو" التي
أرست أسس الرومانسية في الشعر العربي.. يقول عنه أحمد حسن الزيات: كان شابّاً
منضور الطلعة، مسجور العاطفة، مسحور المخيلة، لا يبصر غير الجمال، ولا ينشد غير
الحب، ولا يحسب الوجود إلا قصيدة من الغزل السماوي ينشدها الدهر ويرقص عليها الفلك!!
ويعد الشاعر علي محمود طه أبرز أعلام الاتجاه
الرومانسي العاطفي في الشعر العربي المعاصر
(الشعر)
ورددت الطير
أنفاسها خوافق[4] بين
الندى والزهر
هنالك صفصافة[11]
في الدجى كأن الظلام بها ما شعر
أخذت مكاني في ظلها شريد[12]
الفؤاد كئيب النظر
أمرّ بعيني خلال
السماء واطرق مستغرقا في الفكر[13]
اطالع وجهك تحت النخيل واسمع صوتك عند
النهر
الى أن يملّ الدجى وحشتي وتشكو الكآبة منى
الضجر[14]
وتعجب من حيرتي الكائنات وتشفق مني نجوم السحر
فأمضي لأرجع مستشرقا لقائك
في الموعد المنتظر
لأحمد ذكي أبوشادي
(ترجمة الشاعر: أحمد
زكي أبو شادي (1892-1955)
لقد كان ابو شادي شاعرا
متحررا، متحررا في تفكيره التقدمي الثوري، وفي انتفاضته على التخلّف الذي كان
محدقا بالشرق العربي. وعاش ابو شادي طول حياته يناضل من اجل مصر والعرب حيث اخلص
لمصر والعروبة التي دافع عن حقوقها وامجادها:
ان الكنانة والعروبة ملّتي
دين يوحّده الوفيّ العابد
فلموطني روحي وكل جوارحي
ولكم حنيني والشعور الماجد
يكفي لنا النسب العتيد مجمعا
فجميعنا صيد رماه الصائد
ان الكنانة والعروبة ملّتي
دين يوحّده الوفيّ العابد
فلموطني روحي وكل جوارحي
ولكم حنيني والشعور الماجد
يكفي لنا النسب العتيد مجمعا
فجميعنا صيد رماه الصائد
شاعر وطبيب مصري مؤسس مدرسة
أبولو الشعرية التي ضمت شعراء الرومانسية في العصر الحديث. وكان يعمل وكيلا لكلية الطب، ثم هاجر إلى الولايات
المتحدة الأمريكية، وبقي
هناك حتى وفاته
ولد أحمد زكي بحي عابدين بالقاهرة في 9 فبراير 1892 وكان
والده محمد أبو شادي (بك) نقيباً
للمحامين وأحد أعضاء حزب الوفد البارزين. والتحق أحمد زكي بمدرسة الطب بقصر العيني، وفي عام 1913 سافر
إلى إنجلترا ليدرس الطب, حيث أتقن اللغة
الإنجليزية واطلع على آدابها, ثم تخصص في البكتريولوجيا, ثم تحول إلى النحالةوأسس نادي النحل الدولي، كما أسس جمعية آداب اللغة العربية.
مدرسة أبولو
وفي
سنة 1922 عاد إلى مصر أو
أعيد إليها لنشاطه الوطني. وأنشأ في سنة 1932 مجلة أبوللو وجماعة
أبوللو الأدبية ودعا فيها إلى التجديد في الشعر العربي والتخلص من تقاليده,[2] وكان من بين أنصار هذه الدعوة إبراهيم
ناجي وعلي
محمود طه وغيرهم
من مشاهير نهج مدرسة أبوللو المعروف بالرومانسية والقافية المتغيرة على طول القصيدة.
واجهت
دعوته حربا قاسية من الشعراء المحافظين التابعين لنهج مدرسة
الإحياء والبعث، ومن
أنصار التجديد كالعقاد والمازني
هجرته
الى الولايات المتّحدة
ضاق
أبو شادي بالنقد الموجه له والهجوم عليه، فهاجر إلى نيويورك سنة 1946 وكتب في بعض صحفها العربية، وعمل في التجارة وفي الإذاعة، وألف
في نيويورك جماعة أدبية أسماها رابطة
منيرفا وقد
ضمت الرابطة عددًا من الأدباء والمفكرين العرب والأمريكيين. وقام بتدريس العربية
في معهد آسيا بنيويورك. وتوفي فجأة في واشنطن.
أعماله
الأدبية
كان
إنتاجه الأدبي غزيرا وصدر له عدد كبير من الدواوين والمؤلفات. ومن أعماله: الشفق
الباكي (1926)؛ إحسان (1927); أشعة وظلال (1928)؛ الشعلة (1933)؛ فوق العباب (1935). وله مؤلفات مسرحية منها: الآلهة (1927)؛ إخناتون فرعون
مصر (1933). كانت أعماله مصدر إلهام للشعراء الصغار أمثال إبراهيم ناجي وعلي محمود طه وأبو القاسم الشابي. والذين بدورهم كانوا مصدر الهام
للشاعر السوداني يوسف بشير التيجاني.
·
ويقول الشاعر فالح الحجية الكيلاني عنه (امتازت شخصيته بالطموح
والثقة بالنفس والايمان القوي بقدرات الإنسان والتحلي بالمثل العليا والكفاحالوطني
لما تصبو اليه النفس في مجال الخلق والابداع وتحقيق الاخاء الادبي وخدمة اللغة
العربية فهو شاعر صادق الحس رقيق الشعورغلب على شعره الطابع الوطني والحنين إلى
وطنه وفيه رومانسية جميلة)
.
(الشعر)
قالت (الأرض):" أي عطر لديك سكبته[2]
السماء في راحتيك؟
أي شعر
لها فتنت به الآن ن،
ولم أعطه سخيا إليك؟
هل علمت الأرباب فيها أسارى ما تغنّوا إلا بعطفي عليك؟
ما جمال
السماء إلا جمالي أنا
أودعته قديما لديك؟
قلت: يا أم لم
أبدل هيامي أنت أمي وموئلي وغرامي
ما عشقت السماء إلا هروبا من حياة تعجّ بالآثام
قالت (الأرض): ما الشموس العوالي في نجاء[8]
وأن تكن تبالي
أنت يا شاعري تجازف[12]
بالحبّ اذا دمت عبد هذا الخيالي
لن تلاقي لدى السماء سلاما بل نضالا سيزري بهذا النضال[13]
وتناهيت في السماء بروحي وتراجعت مثخنا بالجروح
وشهدت الصراع فيها رهيبا والضحايا مع الزمان الذبيح[14]
فتغنيت
عائدا بالمآسي وكأني أعود عود المسيح
ولثمت[15]
الأرض التي باركتني وانطوينا
على فؤادي الجريح
[1] هذا حوار بين الأرض وبين الشاعر والشاعر يعيش على سطح الارض ولكن عينه
الى السماء وتطلق الأرض السؤال على هذا الموقف
[4] ولم نروح لحلّ القضايا لنا الى أمكنة مختلفة بعيدة عنّا مثل ما يروح
العرب الى أمريكا وأوربا لحل مشاكلهم ولكن الحلول توجد عندنا
[6] الدماء باسم الدين، يبيح كلّ دم الآخر باسم الدين وكل شيء باسم الدين
والانسان الأرضي يقتل والأرض لا يحب هذا لأنهم أبناء الأرض
[10] كما يعتقد الأناس وهذه الشموس ليست خالدة وناجية من الفناء والهلاك
ولكل شيئ أجل "كل شيئ فان الا وجه ربك ذو الجلال الاكرام"
عيش العصفور
:لعباس محمود العقاد
خصوصيّة المنظومة:
يعالج موضوعا تافها غير مهتمّ به الأكثر.
أسس بالتعاون مع إبراهيم
المازني و عبد
الرحمن شكري "مدرسة
الديوان"، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في
الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق. عمل العقاد بمصنع للحرير في
مدينة دمياط،
وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظا وافرا حيث حصل على الشهادة
الابتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد
أنفق معظم نقوده على شراء الكتب، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة
الشرقية.وتتلمذ على يد المفكر والشاعر الأستاذ الدكتور
محمد حسين محمد.
فكر العقاد:
كان العقاد ذا ثقافة واسعة، إذ عرف عنه انه موسوعي المعرفة.
فكان يقرأ في التاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، بدأ
حياته الكتابية بالشعر والنقد، ثم زاد على ذلك الفلسفه والدين. دافع في كتبه عن
الإسلام وعن الإيمان فلسفيا وعلميا ككتاب الله وكتاب حقائق الإسلام وأباطيل خصومه،
ودافع عن الحرية ضد الشيوعية والوجودية والفوضوية(مذهب سياسي). كتب عن المرأة
كتابا عميقا فلسفيا اسمه هذه الشجرة، يعرض فيه المرأة من حيث الغريزة والطبيعة
وعرض فيه نظريته في الجمال. يقول العقاد ان الجمال هو الحرية، فالانسان عندما ينظر
الى شيء قبيح تنقبض نفسه وينكبح خاطره ولكنه اذا رأى شيئا جميلا تنشرح نفسه ويطرد
خاطره، اذن فالجمال هو الحرية.
شعره:
لو صدق العقاد في صنوف العلم مرة فهو صادق ألف مرة إذا ما
كان الموضوع المثار خاصاً باللغة العربية وآدابها لقد كتب العقاد تسعة دواوين بين
1916 و.1950
حفل تكريم في مسرح حديقة الأزبكية، حضرها جمهور كبير من
الأعلام والوزراء، وكان في مقدمة المتكلمين الدكتور طه حسين فألقى خطبة التي تهكم
فيها من شعر العقاد فقال فيها: « تسألونني لماذا أومن بالعقاد في الشعر
الحديث وأومن به وحده، وجوابي يسير جدا، لماذا؟ لأنني أجد عند العقاد مالا أجده
عند غيره من الشعراء... لأني حين أسمع شعر العقاد أو حين أخلوا إلى شعر العقاد
فإنما أسمع نفسي وأخلو إلى نفسي. وحين اسمع شعر العقاد إنما اسمع الحياة المصرية
الحديثة وأتبين المستقبل الرائع للأدب العربي الحديث » ثم يشيد بقصائده ولا
سيما قصيدة ترجمة شيطان التي يقول إنه لم يقرأ مثلها لشاعر في أوروبا القديمة
وأوربا الحديثة. ثم قال في النهاية: « ضعوا لواء الشعر في يد العقاد وقولوا
للأدباء والشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لكم صاحبه »
الحبّ:
كان العقاد عاطفياً جداً، لكنه لم يوفق في حبه، ولم يصادف
المرأة التي تصون هذه العظمة الفكرية، فشاء القدر أن يحجب عنه القلب الوفي, رغم
أنه كان يقول: إنه يتمنى أن يعرف ألف امرأة ويعشقها.
أحب العقاد سارة ومي في وقت واحد، وكانت مي أديبة مفوهة، وكان أسلوبها البلاغي فريداً، وطباعها شرقية، ولعل هذا التميز في شخصيتها هو أول ما جذب انتباه العقاد لها، حين رآها لأول مرة في مجلة "المحروسة" وكان عمره لا يزيد على سبعة وعشرين عاماً وكانت مي لا تتجاوز الحادية والعشرين.
وكتبت ميّ في إحدى رسائلها إلى العقاد: حينما أرسل لها بعض قصائده "إعجابي بقصيدتك البليغة في معناها ومبناها فاق كل إعجاب، وقد اغتبطت بها غبطة لا حد لها، واحتفظت بها في مكان أمين بين أوراقي خوفاً عليها من الضياع، إنني لا أستطيع أن أصف لك شعوري حين قرأت هذه القصيدة، وحسبي أن أقول لك إن ما تشعر به نحوي هو نفس ما شعرت به نحوك منذ أول رسالة كتبتها إليك
أحب العقاد سارة ومي في وقت واحد، وكانت مي أديبة مفوهة، وكان أسلوبها البلاغي فريداً، وطباعها شرقية، ولعل هذا التميز في شخصيتها هو أول ما جذب انتباه العقاد لها، حين رآها لأول مرة في مجلة "المحروسة" وكان عمره لا يزيد على سبعة وعشرين عاماً وكانت مي لا تتجاوز الحادية والعشرين.
وكتبت ميّ في إحدى رسائلها إلى العقاد: حينما أرسل لها بعض قصائده "إعجابي بقصيدتك البليغة في معناها ومبناها فاق كل إعجاب، وقد اغتبطت بها غبطة لا حد لها، واحتفظت بها في مكان أمين بين أوراقي خوفاً عليها من الضياع، إنني لا أستطيع أن أصف لك شعوري حين قرأت هذه القصيدة، وحسبي أن أقول لك إن ما تشعر به نحوي هو نفس ما شعرت به نحوك منذ أول رسالة كتبتها إليك
(الشعر)
حطّ على الغصن
وانحدر أقلّ من لمحة
البصر
يقارب السحب ثم يهوي يبشّر الروض بالمطر
طار وليدا
وطار شيخا بين
البساتين والغدر[14]
لا أعين الماء
ناضبات[15] ولا خلا الروض من ثمر
أخبر بالنضج
مقلتاه ممن
سقى الحب أو بذر
سله عن الجند
والزمر سله
عن الملك والسرر
لم يأته عنهم بلاغ ولا دليل
ولا خبر
هذا هو العيش فاغبطوه عليه
أيـــــــها البشر
هذا هو العيش فارحموه عليه
واستخبروا الغير
فان سألتم فسائلوه عن
صولة الصقر ان كسر[16]
وحيلة الدبق
في ثراه وغيـــــلة الحيّة
الذكر
هناك ينزو
له فؤاد لا
يجهل الريب والحذر
لم يخف عن أعين الليالي ولا تواري من الصغر
حبائل الدهر قانصات من طار أو غاص أو خطر
من عاش يوما أو بعض يوم يعلم
ما ضربه
القدر
أليس هذه الحياة ذخرا وحارس
الذخر في خطر؟
[1] ضعف وتعب
[2] غصن
[4] هدف
[5] تشبيه العصفور بالطفل:وجه الشبه في الحركة
[6] جرعة الماء وقليل من الماء
[7] طير له صدارة مثل النسر والصقر
[8] هذا الطير أصدق من المزارعين والفلاّحين في التبشير بنزول المطر
[9] جبال وممرّات جبليّة
[10] المطر
[11] جناحان
[12] يتعجب من مركب الطائر بالرياح وشتّان بين هذا وذاك ولكن هذا عليها
[13] الشين بالكسر والراء بدون تشديد، المرح
[14] بركة
[15] جافّة
لماذا جعل هذا الإسم علما لعرائس
الشعر عند العرب:
لخليل مطران، شاعر القطرين:
ترجمة
الشاعر: ترجمة خليل مطران:
Ø
خليل
مطران "شاعر القطرين" (1
يوليو 1872 - 1
يونيو 1949)
شاعر لبناني شهير
عاش معظم حياته في مصر. عرف بغوصه في المعاني وجمعه بين الثقافة العربية
والأجنبية، كما كان من كبار الكتاب عمل بالتاريخ والترجمة، يشبّه بالأخطل
بين حافظ وشوقي،
كما شبهه المنفلوطي بابن
الرومي. عرف مطران بغزارة علمه وإلمامه بالأدب
الفرنسي والعربي، هذا بالإضافة لرقة طبعه ومسالمته وهو الشيء الذي انعكس على
أشعاره، أُطلق عليه لقب "شاعر القطرين" ويقصد بهما مصر ولبنان، وبعد
وفاة حافظ وشوقي أطلقوا عليه لقب "شاعر الأقطار العربية".
Ø
دعا
مطران إلى التجديد في الأدب والشعر العربي فكان أحد الرواد الذين اخرجوا الشعر
العربي من أغراضه التقليدية والبدوية إلى أغراض حديثة تتناسب مع العصر، مع الحفاظ
على أصول اللغة والتعبير، كما ادخل الشعر القصصي والتصويري للأدب العربي.
Ø
أطلع
على أشعار فكتور هوغو وغيره من أدباء ومفكري
أوروبا، هاجر مطران إلى باريس وهناك
انكب على دراسة الأدب الغربي.
Ø
كان
مطران صاحب حس وطني فقد شارك في بعض الحركات الوطنية التي أسهمت في تحرير الوطن
العربي، ومن باريس انتقل مطران إلى محطة أخرى في حياته فانتقل إلى مصر، حيث عمل
كمحرر بجريدة
الأهرام لعدد من السنوات، ثم قام بإنشاء
"المجلة المصرية" ومن بعدها جريدة "الجوانب المصرية" اليومية
والتي عمل فيها على مناصرةمصطفى
كامل باشا في حركته الوطنية واستمر إصدارها
على مدار أربع سنوات، وقام بترجمة عدة كتب.
·
من
قصائده الثائرة:
شـرِّدُوا
أَخْـيَـارَهَـا بَحْراً وَبَرا وَاقْـتُلوا أَحْرَارهَا حُرّاً فَحُرَّا
إِنَّما
الصَّالِـحُ يَـبْقَى صَالِحاً آخِـرَ الدَّهْرِ وَيَبْقَى الشَّرُّ شَرَّا
كَـسرُوا
الأَقْلامَ هَلْ تَكْسِيرُهَا يمْنَعُ الأَيْدي أَنْ تَنْقُشَ صَخْرَا
قَـطِّـعُوا
الأَيْديَ هَـلْ تَقْطِيعُها يَـمنَعُ الأَعْينَ أَنْ تَنْظُرَ شَزْرَا
أَطْـفِئُوا
الأَعْيُنَ هَلْ إِطْفَاؤُهَا يمْنَعُ الأَنْفَاسَ أَنْ تصْعَدَ زَفْرَا
أَخمِـدُوا
الأَنْفَاسَ هَذَا جُهْدُكمْ وَبِـه مَـنْجـاتُنَا مِـنْكُمْ فَشكْرَا
أسلوبه
الشعري:
عرف
مطران كواحد من رواد حركة التجديد، وصاحب مدرسة في كل من الشعر والنثر، تميز
أسلوبه الشعري بالصدق الوجداني والأصالة والرنة الموسيقية، وكما يعد مطران من
مجددي الشعر العربي الحديث،
فهو أيضاً من مجددي النثرفأخرجه
من الأساليب الأدبية القديمة.
على
الرغم من محاكاة مطران في بداياته لشعراء عصره في أغراض الشعر الشائعة من مدح
ورثاء، لكنه ما لبث أن أستقر على المدرسة الرومانسية والتي تأثر فيها بثقافته
الفرنسية، فكما عني شوقي بالموسيقى وحافظ باللفظ الرنان، عنى مطران بالخيال، وأثرت
مدرسته الرومانسية الجديدة على العديد من الشعراء في عصره مثل إبراهيم
ناجي وأبو شادي وشعراء المهجر وغيرهم.
قالوا
عنه:
ü
وعبر
طه حسين عن رأيه في شعر مطران وهو يخاطبه قائلاً "إنك زعيم الشعر العربي
المعاصر، وأستاذ الشعراء العرب المعاصرين، وأنت حميت "حافظاً" من أن
يسرف في المحافظة حتى يصيح شعره كحديث النائمين، وأنت حميت "شوقي" من أن
يسرف في التجديد حتى يصبح شعره كهذيان المحمومين".
(الشعر)
يـــــا هند لم يخطئ
أبو ك الحزم حين
دعاك هندا
سمّــــــاك باسم كاد يد ركه
التقادم فاســــــــتجدّا
دعيت بنات
العرب من قدم به ومجدن مجــــــــدا
مـــــــا الهند الا روضة كانت لأرقى الخلق مهدا
للحـــــــسن فيه محضر جـــــــــمّ عجائبه ومبدى[3]
لتـــــــرابها كتنفّـــــس الجنّـــــات نفح فــــاح ندّا
للخـــــــــير أنهار بها فياضــــــة لبنا وشــــــهدا
للنــــــــفس في غاباتها مسرى يسامي الغيب بعدا
تهوى الضلال بها وتخ شى
أن يكون هدى فتهدى
في جــــوّها للروح رو ح زاع من سمّـــــاه زهدا
في مدنها طبعوا حديد السيــــف
وابتدعوا الفرندا
ممّــــــــا تشبّه بالعيون ولحظها
جفنا وحــــدا
هي موطن
السحر الحلال وفي اسمهـــــا
السر المفدى
من يـــــــــدع هندا يعن من أســـــــنى معاني الشعر عدا
2 comments:
جيد جدا
جيد جدا
Post a Comment